إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
شرح لمعة الاعتقاد
258844 مشاهدة print word pdf
line-top
الصفات الفعلية

بعد ذلك ذكر المؤلف آيات تدل على الصفات الفعلية منها قوله تعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فإن هذا فعل؛ جاء فعل ماض أي في يوم القيامة أثبت لنفسه المجيء وجاء ربك ثقلت هذه الآية على المعتزلة, وكذلك على الأشاعرة, ومثلها قوله تعالى في سورة البقرة: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وقوله تعالى في سورة الأنعام: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ فإن هذا صريح في أن الله تعالى يأتي.
زعم المعتزلة ونحوهم أن الله منزه عن المجيء والذهاب؛ وقالوا كما عبر الزمخشري وغيره: إن هذا من شأن المركبات والمحدثات, وهم يقولون: إن الرب تعالى منزه عن ذلك, وقالوا: إن إثبات الصفات الذاتية يلزم منه التركيب, أنه مركب من صفات متعددة فيدعون أن إثباتها يستلزم التركيب وهذا خطأ لا يستلزم ذلك؛ فإن الله تعالى واحد بصفاته وبذاته واحد, وهم يدعون أن إثبات الصفات يستلزم أيضا تعدد القدماء؛ لأن أخص الصفات لله عندهم صفة القدم؛ فيقولون ذات الله قديم, فإذا قيل إن له صفات؛ لا يكون القديم واحدا؛ بل يقال: سمع الله قديم, وبصره قديم, وجهه قديم, وعينه قديم, ويده قديم فيلزم تعدد القدماء.
فلذلك أنكروا أن يكون لله هذه الصفات, والجواب أن نقول إن الصفات من الذات, إن الله تعالى واحد بصفاته وبذاته, كما أن الإنسان واحد؛ ولو كان له صفات؛ أنت مثلا تقول: جاءني زيد وحده؛ مع أن فيه صفات, ولا تقول, ولا تذكرها عددا لا تقول جاءني زيد, وجاءني سمعه, وجاءني بصره, وجاءني رأسه, وجاءتني يداه, وجاءتني رجلاه؛ لأنه واحد بصفاته؛ فصفاته من ذاته, كذلك قول الله تعالى: وإلهكم إله واحد واحد بصفاته واحد بصفاته وذاته.
فلا يلزم إثبات الصفات إثبات التعدد, ولا إثبات التركيب؛ لأن التركيب إنما يكون لشيء كان متفرقا ثم ركب؛ مثلا السيارة كانت متفرقة كل مسمار وحده ثم يأتي العارف بها فيركبها ويضع كل مسمار أو كل حديدة في موضعها؛ فيقال ركب فلان هذه السيارة بعد تفرقها, وأما الإنسان فليس متفرقا ثم ركب بل هكذا خلق؛ لم يكن متفرقا ثم جاء أحد فركب له الرأس وركب له اليدين وركب له الرجلين؛ فقولهم إن إثبات الصفات يستلزم التركيب نقول إن هذا خطأ؛ إنما يستلزم إذا كان متفرقا؛ فالحاصل أن إثبات الصفات لا يلزم منه تعدد القدماء ولا يلزم منه التركيب, ولا يلزم منه الحدوث.
الله تعالى أثبت لنفسه الصفات والأفعال: وَجَاءَ رَبُّكَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ لما أنهم أنكروا هذا جعلوا فيه مقدرا فقالوا وَجَاءَ رَبُّكَ أي جاء أمر ربك واستمروا على هذا في بقية الآيات, ومنهم زاهد الكوثري المصري ؛ الذي توفي في القرن الماضي عقيدته عقيدة الأشاعرة في إنكار الصفات فهو لما علق على كتاب الأسماء والصفات أفسده؛ فلما جاء آيات المجيء استدل بقوله تعالى في سورة النحل: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ في هذه الآية صريح أمر ربك يعني: عذاب ربك, يعني: هؤلاء الذين توعدهم الله لما كذبوا؛ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة بعذاب الله, أو يأتيهم أمر الله تعالى عذاب كالريح ونحوها؛ تقصفهم وتعذبهم، فإذا كانت هذه الآية فيها تقدير أمر ربك؛ فلا يقال إن بقية الآيات كذلك, كما يقول هؤلاء الأشاعرة ونحوهم.

line-bottom